جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج8 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>



مجمع البيان ج : 8 ص : 755
« اتخذناهم » فالقول فيه أن الجملة المعادلة لأم محذوفة و المعنى أ تراهم أم زاغت عنهم الأبصار و كذلك قوله أم كان من الغائبين لأن المعنى أخبروني عن الهدهد أ حاضر هو أم كان من الغائبين هذا قول أبي الحسن و يجوز عندي في قوله تعالى « قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار أم من هو قانت آناء الليل » أن تكون المعادلة لأم محذوفة تقديره أ فأصحاب النار خير أم من هو قانت و حكي عن أبي عمر و أنه قال ما كان من مثل العبودية فسخري مضموم و ما كان من مثل الهزء فسخري مكسور السين و قد تقدم ذكر هذا قال ابن جني من قرأ إنما فعلى الحكاية فكأنه قال إن يقال لي إلا إنما أنا نذير مبين و هذا كما تقول لصاحبك أنت قلت أنك شجاع و نحو ذلك قول الشاعر :
تنادوا بالرحيل غدا
و في ترحالهم نفسي قال و أجاز أبو علي ثلاثة أضرب من الإعراب بالرحيل و الرحيل و الرحيل رفعا و نصبا و جرا فمن رفع أو نصب فقد وفى الحكاية اللفظ المقول البتة فكأنهم قالوا الرحيل غدا فأما الجر فعلى إعمال الباء فيه و هو معنى ما قالوه و لكن حكيت منه قولك غدا وحده و هو خبر المبتدأ أو في موضع رفع لأنه خبر المبتدأ و لا يكون ظرفا لتنادوا لأن الفعل الماضي لا يعمل في الزمان الآتي و إذا قال بالرحيل غدا فإن غدا يجوز أن يكون ظرفا لنفس الرحيل و يجوز أن يكون ظرفا لفعل آخر نصب الرحيل أي يحدث الرحيل غدا .

المعنى

ثم حكى سبحانه عن أهل النار أيضا بقوله « و قالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار » أي يقولون ذلك حين ينظرون في النار فلا يرون من كان يخالفهم فيها معهم و هم المؤمنون عن الكلبي و قيل نزلت في أبي جهل و الوليد بن المغيرة و ذويهما يقولون ما لنا لا نرى عمارا و خبابا و صهيبا و بلالا الذين كنا نعدهم في الدنيا من جملة الذين يفعلون الشر و القبيح و لا يفعلون الخير عن مجاهد و روى العياشي بالإسناد عن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال أن أهل النار يقولون « ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار » يعنونكم لا يرونكم في النار لا يرون و الله أحدا منكم في النار « اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار » معناه أنهم يقولون لما لم يروهم في النار اتخذناهم هزوءا في الدنيا فأخطأنا أم عدلت عنهم أبصارنا فلا نراهم و هم معنا في النار « إن ذلك لحق » أي إن ما ذكر قبل هذا لحق أي كائن لا محالة ثم بين ما هو فقال « تخاصم أهل النار » يعني تخاصم الأتباع
مجمع البيان ج : 8 ص : 756
و القادة أو مجادلة أهل النار بعضهم لبعض على ما أخبر عنهم ثم خاطب نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « قل » يا محمد « إنما أنا منذر » أي مخوف من معاصي الله و محذر من عقابه « و ما من إله » يحق له العبادة « إلا الله الواحد القهار » لجميع خلقه المتعالي بسعة مقدوراته فلا يقدر أحد على الخلاص من عقوبته إذا أراد عقابه « رب السماوات و الأرض و ما بينهما » من الإنس و الجن و كل خلق « العزيز » الذي لا يغلبه شيء و لا يمتنع منه شيء « الغفار » لذنوب عباده مع قدرته على عقابهم « قل » يا محمد « هو نبأ عظيم » اختلف فيه فقيل يعني القرآن هو حديث عظيم لأنه كلام الله المعجز و لأن فيه أنباء الأولين « أنتم عنه » أي عن تدبره و العمل به « معرضون » عن ابن عباس و قتادة و مجاهد و السدي و قيل خبر القيامة خبر عظيم أنتم عنه معرضون أي عن الاستعداد لها غافلون و بها مكذبون عن الحسن و قيل معناه النبأ الذي أنبأتكم به عن الله نبأ عظيم عن الزجاج يعني ما أنبأهم به من قصص الأولين أنهم عنه معرضون لا يتفكرون فيه فيعلموا صدقي في نبوتي قال و يدل على صحة هذا المعنى قوله « ما كان لي من علم بالملأ الأعلى » يعني الملائكة « إذ يختصمون » يعني ما ذكر من قوله إني جاعل في الأرض خليفة إلى آخر القصة و هو قول ابن عباس و قتادة و السدي أي فما علمت ما كانوا فيه إلا بوحي من الله تعالى و روى ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال قال لي ربي أ تدري فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت لا قال اختصموا في الكفارات و الدرجات فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات و نقل الأقدام إلى الجماعات و انتظار الصلاة بعد الصلاة و أما الدرجات فإفشاء السلام و إطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام « إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين » معناه ما كان لي من علم باختصام الملائكة فيما ذكرنا لو لا أن الله تعالى أخبرني به لم يمكنني إخباركم و لكن ما يوحى إلي إلا الإنذار البين الواضح و قيل معناه ليس يوحى إلي إلا إني نذير مبين مخوف مظهر للحق .
إِذْ قَالَ رَبُّك لِلْمَلَئكَةِ إِنى خَلِقُ بَشراً مِّن طِين(71) فَإِذَا سوَّيْتُهُ وَ نَفَخْت فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُوا لَهُ سجِدِينَ(72) فَسجَدَ الْمَلَئكَةُ كلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(73) إِلا إِبْلِيس استَكْبرَ وَ كانَ مِنَ الْكَفِرِينَ(74) قَالَ يَإِبْلِيس مَا مَنَعَك أَن تَسجُدَ لِمَا خَلَقْت بِيَدَى أَستَكْبرْت أَمْ كُنت مِنَ الْعَالِينَ(75) قَالَ أَنَا خَيرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنى مِن نَّار وَ خَلَقْتَهُ مِن طِين(76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنهَا فَإِنَّك رَجِيمٌ(77) وَ إِنَّ عَلَيْك لَعْنَتى إِلى يَوْمِ الدِّينِ(78) قَالَ رَب فَأَنظِرْنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(79) قَالَ فَإِنَّك مِنَ الْمُنظرِينَ(80) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ(81) قَالَ فَبِعِزَّتِك لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) إِلا عِبَادَك مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(83)

مجمع البيان ج : 8 ص : 757

المعنى

ثم دل سبحانه على أن اختصام الملائكة كان في أمر آدم (عليه السلام) بقوله « إذ قال ربك للملائكة » بالظاهر أن إذ يتعلق بقوله يختصمون و إن اعترض بينهما كلام « إني خالق بشرا من طين » يعني آدم « فإذا سويته » أي فإذا سويت خلق هذا البشر و تممت أعضاءه و صورته « و نفخت فيه من روحي » أي أحييته و جعلت فيه الروح و أضاف الروح إلى نفسه تشريفا له و معنى نفخت فيه أي توليت فعله من غير سبب و واسطة كالولادة المؤدية إلى ذلك فإن الله شرف آدم و كرمه بهذه الحالة « فقعوا له ساجدين » أي فاسجدوا له أجمعين و في الكلام حذف و التقدير ثم إن الله تعالى خلق ذلك البشر الذي وعدهم بخلقه « فسجد » له « الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر و كان من الكافرين » مفسر في سورة البقرة « قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي » هذا سؤال توبيخ و تعريف للملائكة أنه لا عذر له في الامتناع عن السجود و معنى قوله « لما خلقت بيدي » توليت خلقه بنفسي من غير واسطة عن الجبائي و مثله مما عملت أيدينا و ذكر اليدين لتحقيق الإضافة لخلقه إلى نفسه و هو قول مجاهد و مثله قوله و يبقى وجه ربك أي ربك و قيل معناه خلقته بقدرتي عن أبي مسلم و غيره و العرب كما تطلق لفظ اليد للقدرة و القوة فقد تطلق لفظة اليدين قال :
مجمع البيان ج : 8 ص : 758

تحملت من ذلفاء ما ليس لي به
و لا للجبال الراسيات يدان و قال آخر :
أ نابغ إنكم لم تبلغونا
و ما لكم بذلكم يدان و قال عروة بن حزام :
فإن تحملي ودي و ودك تفدحي
و ما لك بالحمل الثقيل يدان « أستكبرت أم كنت من العالين » أي أرفعت نفسك فوق قدرك و تعظمت عن امتثال أمري أم كنت من الذين تعلو أقدارهم عن السجود فتعاليت عنه « قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين » فضل النار على الطين « قال فاخرج منها » أي من الجنة « فإنك رجيم » أي طريد مبعد « و إن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال » إبليس عند ذلك « رب فانظرني إلى يوم يبعثون » أي أخرني إلى يوم يحشرون للحساب و هو يوم القيامة « قال » الله تعالى له « فإنك من المنظرين » أي المؤخرين « إلى يوم الوقت المعلوم » و قد فسرنا جميع ذلك فيما تقدم « قال » إبليس « فبعزتك » أي أقسم بقدرتك التي تقهر بها جميع خلقك « لأغوينهم » يعني بني آدم كلهم « أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين » أي أدعوهم إلى الغي و أزين لهم القبائح إلا عبادك الذين استخلصتهم و آثرتهم و عصمتهم فلا سبيل لي عليهم .
قَالَ فَالحَْقُّ وَ الحَْقَّ أَقُولُ(84) لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنك وَ مِمَّن تَبِعَك مِنهُمْ أَجْمَعِينَ(85) قُلْ مَا أَسئَلُكمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر وَ مَا أَنَا مِنَ المُْتَكلِّفِينَ(86) إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِّلْعَلَمِينَ(87) وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ(88)

القراءة

قرأ أهل الكوفة غير الكسائي و هبيرة و روح و زيد عن يعقوب « قال فالحق » بالرفع و الباقون بالنصب .

مجمع البيان ج : 8 ص : 759

الحجة

قال أبو علي من نصب الحق الأول كان منصوبا بفعل مضمر يدل انتصاب الحق عليه و ذلك الفعل هو ما ظهر في قوله و يحق الله الحق بكلماته و يجوز أن ينتصب على التشبيه بالقسم فيكون الناصب له ما ينصب القسم من نحو الله لأفعلن فيكون التقدير الحق لأملأن و قد يجوز أن يكون الحق الثاني الأول و كرر على وجه التأكيد و من رفع كان محتملا لوجهين ( أحدهما ) أن يكون خبر مبتدإ محذوف تقديره أنا الحق ( و الآخر ) أن يكون مبتدأ محذوف الخبر تقديره فالحق مني كما قال الحق من ربك .

المعنى

ثم حكى سبحانه ما أجاب به إبليس و أنه « قال » له « فالحق و الحق أقول » أي حقا « لأملأن » و الحق أقول اعتراض بين القسم و المقسم عليه و جاز ذلك لأنه مما يؤكد القصة كما قال الشاعر :
أراني و لا كفران لله آية
لنفسي لقد طالبت غير منيل فاعترض بقوله و لا كفران لله بين المفعول الأول و الثاني و من رفع فعلى معنى فأنا الحق أو الحق مني و أقول الحق « لأملأن جهنم منك و ممن تبعك » و قبل قولك « منهم » أي من بني آدم « أجمعين » ثم خاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « قل » يا محمد لكفار مكة « ما أسألكم عليه » أي على تبليغ الوحي و القرآن و الدعاء إلى الله سبحانه « من أجر » أي مال تعطونيه « و ما أنا من المتكلفين » لهذا القرآن من تلقاء نفسي و قيل معناه إني ما أتيتكم رسولا من قبل نفسي و لم أتكلف هذا الإتيان بل أمرت به و قيل معناه لست ممن يتعسف في طلب الأمر الذي لا يقتضيه العقل و روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال يا أيها الناس من علم شيئا فليقل و من لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم فإن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) « قل ما أسألكم عليه من أجر و ما أنا من المتكلفين » أورده البخاري في الصحيح « إن هو إلا ذكر للعالمين » أي ما القرآن إلا موعظة للخلق أجمعين و قيل ما القرآن إلا شرف لمن آمن به « و لتعلمن نبأه بعد حين » أي و لتعلمن يا كفار مكة خبر صدقه بعد الموت عن ابن عباس و قتادة و قيل بعد يوم بدر عن السدي و قيل من عاش علم ذلك إذا ظهر أمره و علا دينه و من مات علمه بعد الموت عن الكلبي .

مجمع البيان ج : 8 ص : 760
( 39 ) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون ( 75 )
و تسمى أيضا سورة الغرف و هي مكية كلها عن مجاهد و قتادة و الحسن و قيل سوى ثلاث آيات نزلن بالمدينة في وحشي قاتل حمزة « قل يا عبادي » إلى آخرهن و قيل غير آية قل يا عبادي .

عدد آيها

خمس و سبعون آية كوفي ثلاث شامي اثنتان في الباقين .

اختلافها

سبع آيات « فيما هم فيه يختلفون » غير الكوفي « مخلصا له الدين » الثاني و « مخلصا له ديني » و « من هاد » الثاني و « سوف تعلمون » أربعهن كوفي « فبشر عباد » عراقي شامي و المدني الأخير « من تحتها الأنهار » مكي شامي و المدني الأول .


فضلها

أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال من قرأ سورة الزمر لم يقطع الله رجاه و أعطاه ثواب الخائفين الذين خافوا الله تعالى و روى هارون بن خارجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ سورة الزمر أعطاه الله شرف الدنيا و الآخرة و أعزه بلا مال و لا عشيرة حتى يهابه من يراه و حرم جسده على النار و يبني له في الجنة ألف مدينة في كل مدينة ألف قصر في كل قصر مائة حوراء و له مع ذلك عينان تجريان و عينان نضاختان و جنتان مدهامتان و حور مقصورات في الخيام .

تفسيرها

ختم الله سبحانه سورة ص بذكر القرآن و افتتح هذه السورة أيضا به فقال : .
سورة الزمر
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَنزِيلُ الْكِتَبِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الحَْكِيمِ(1) إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْك الْكتَب بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ(2) أَلا للَّهِ الدِّينُ الخَْالِص وَ الَّذِينَ اتخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يحْكُمُ بَيْنَهُمْ فى مَا هُمْ فِيهِ يخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى مَنْ هُوَ كَذِبٌ كفَّارٌ(3) لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفَى مِمَّا يخْلُقُ مَا يَشاءُ سبْحَنَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَحِدُ الْقَهَّارُ(4) خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلى النهَارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلى الَّيْلِ وَ سخَّرَ الشمْس وَ الْقَمَرَ كلُّ يجْرِى لأَجَل مُّسمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّرُ(5)

مجمع البيان ج : 8 ص : 761

اللغة

التكوير طرح الشيء بعضه على بعض يقال كرر المتاع إذا ألقى بعضه على بعض و منه كور العمامة .


الإعراب

تنزيل مبتدأ و خبره من الله أي تنزيل الكتاب من الله لا من غيره كما تقول استقامة الناس من الأنبياء أي أنها لا تكون إلا منهم و يجوز أن يكون « تنزيل الكتاب » خبر مبتدإ محذوف و التقدير هذا تنزيل الكتاب فعلى هذا يجوز أن يكون من الله خبرا بعد خبر و يجوز أن يكون في موضع نصب لأنه يتعلق بتنزيل .
بالحق مفعول أنزلنا و يجوز أن يكون في موضع الحال و التقدير أنزلنا الكتاب محقين أو محقا فيكون ذو الحال نا من أنزلنا أو الكتاب .
زلفى في موضع نصب على المصدر و التقدير ليقربونا قربى و التقدير يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا فيكون يقولون خبر الذين اتخذوا لأنه مبتدأ أو يكون حالا من الضمير في اتخذوا و يكون الخبر قوله « إن الله يحكم بينهم » يكور يحتمل أن يكون حالا و يحتمل أن يكون استئناف كلام فلا يكون له محل .

المعنى

عظم الله سبحانه أمر القرآن و حث المكلفين على القيام بما فيه و اتباع أوامره و نواهيه بأن قال « تنزيل الكتاب من الله العزيز » المتعال عن المثل و الشبه
مجمع البيان ج : 8 ص : 762
« الحكيم » في أفعاله و أقواله فوصف هنا نفسه بالعزة تحذيرا من مخالفة كتابه و بالحكمة إعلاما بأنه يحفظه حتى يصل إلى المكلفين من غير تغيير لشيء منه « إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق » أي لم ننزله باطلا بغير غرض و قيل معناه بالأمر الحق أي بالدين الصحيح « فاعبد الله » أي توجه بعبادتك إلى الله وحده « مخلصا له الدين » من شرك الأوثان و الأصنام و الإخلاص أن يقصد العبد بنيته و عمله إلى خالقه لا يجعل ذلك لغرض الدنيا « ألا لله الدين الخالص » و الخالص هو الذي لا يشوبه الرياء و السمعة و لا وجه من وجوه الدنيا و الدين الخالص الإسلام عن الحسن و قيل هو شهادة أن لا إله إلا الله عن قتادة و قيل معناه إلا لله الطاعة بالعبادة التي يستحق بها الجزاء فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره و قيل هو الاعتقاد الواجب في التوحيد و العدل و النبوة و الشرائع و الإقرار بها و العمل بموجبها و البراءة من كل دين سواها فهذا تفصيل قول الحسن أنه الإسلام « و الذين اتخذوا من دونه أولياء » أي زعموا أن لهم من دون الله مالكا يملكهم و هاهنا حذف يدل الكلام عليه أي يقولون « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى » أي ليشفعوا لنا إلى الله و الزلفى القربى و هو اسم أقيم مقام المصدر « إن الله يحكم بينهم » يوم القيامة « فيما هم فيه يختلفون » من أمور الدين فيعاقب كلا منهم على قدر استحقاقه « إن الله لا يهدي » إلى طريق الجنة أو لا يحكم بهدايته إلى الحق « من هو كاذب » على الله و على رسوله « كفار » بما أنعم الله عليه جاحد لإخلاص العبادة لله و لم يرد به الهداية إلى الإيمان لقوله سبحانه و أما ثمود فهديناهم « لو أراد الله أن يتخذ ولدا » على ما يقوله هؤلاء من أن الملائكة بنات الله أو ما يقوله النصارى من أن المسيح ابن الله أو اليهود أن عزيرا ابن الله « لاصطفى » أي لاختار « مما يخلق ما يشاء » أي ما كان يتخذ الولد باختيارهم حتى يضيفوا إليه من شاءوا بل كان يختص من خلقه ما يشاء لذلك لأنه غير ممنوع من مراده و مثله قوله « لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا » ثم أخبر سبحانه أنه منزه عن اتخاذ الأولاد بقوله « سبحانه » أي تنزيها له عن ذلك « هو الله الواحد » لا شريك له و لا صاحبة و لا ولد « القهار » لخلقه بالموت و هو حي لا يموت ثم نبه سبحانه على كمال قدرته فقال « خلق السماوات و الأرض بالحق » أي لم يخلقهما باطلا لغير غرض بل خلقهما للغرض الحكمي « يكور الليل على النهار و يكور النهار على الليل » أي يدخل كل واحد منهما على صاحبه بالزيادة و النقصان فما يزيد في أحدهما ينقص من الآخر عن الحسن و جماعة من المفسرين و قيل يغشى هذا هذا كما قال يغشي الليل النهار و يولج الليل في النهار عن قتادة « و سخر الشمس و القمر » بأن أجراهما على وتيرة واحدة « كل يجري لأجل مسمى » أي إلى مدة قدرها الله لهما أن يجريا إليها
مجمع البيان ج : 8 ص : 763
و قيل إلى قيام الساعة و قيل لأجل مسمى أي لوقت معلوم في الشتاء و الصيف هو المطلع و المغرب لكل واحد منهما « ألا هو العزيز الغفار » مر معناه و فائدة الآية أن من قدر على خلق السماوات و الأرض و تسخير الشمس و القمر و إدخال الليل في النهار فهو منزه عن اتخاذ الولد و الشريك فإن ذلك من صفة المحتاجين .
خَلَقَكم مِّن نَّفْس وَحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنهَا زَوْجَهَا وَ أَنزَلَ لَكم مِّنَ الأَنْعَمِ ثَمَنِيَةَ أَزْوَج يخْلُقُكُمْ فى بُطونِ أُمَّهَتِكمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْق فى ظلُمَت ثَلَث ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْك لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنى تُصرَفُونَ(6) إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنىُّ عَنكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَ إِن تَشكُرُوا يَرْضهُ لَكُمْ وَ لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثمَّ إِلى رَبِّكم مَّرْجِعُكمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصدُورِ(7) * وَ إِذَا مَس الانسنَ ضرُّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسىَ مَا كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَ جَعَلَ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِك قَلِيلاً إِنَّك مِنْ أَصحَبِ النَّارِ(8) أَمَّنْ هُوَ قَنِتٌ ءَانَاءَ الَّيْلِ ساجِداً وَ قَائماً يحْذَرُ الاَخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَستَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا َبِ(9) َبِ(9) قُلْ يَعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسنُوا فى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسنَةٌ وَ أَرْض اللَّهِ وَسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفى الصبرُونَ أَجْرَهُم بِغَيرِ حِساب(10)

مجمع البيان ج : 8 ص : 764

القراءة

قرأ أبو عمرو في رواية أوقية و أبي شعيب السوسي و أبي عمرو الدوري عن اليزيدي عنه و حمزة و في رواية العجلي يرضه لكم ساكنة الهاء و قرأ ابن كثير و ابن عامر و الكسائي و خلف و نافع برواية إسماعيل و أبو بكر برواية البرجمي يرضه مضمومة الهاء مشبعة و قرأ الباقون بضم الهاء مختلسة غير مشبعة و قرأ ابن كثير و نافع و حمزة أ من هو قانت خفيفة الميم و الباقون بتشديد الميم .

الحجة

قال أبو علي حجة من قرأ يرضهو فألحق الواو أن ما قبل الهاء متحرك فيكون بمنزلة ضربهو و هذا لهو و من قال « يرضه » فحرك الهاء و لم يلحق الواو أن الألف المحذوفة للجزم ليس يلزم حذفها لأن الكلمة إذا نصبت أو رفعت عادت الألف فصار الألف في حكم الثابت فإذا ثبت الألف فالأحسن أن لا يلحق الواو نحو قوله ألقى موسى عصاه و ذلك أن الهاء خفيفة فلو لحقتها الواو و قبلها الألف لأشبه الجمع بين الساكنين و أما من أسكن فقال يرضه لكم فإن أبا الحسن يزعم أن ذلك لغة و على هذا قوله :
و نضواي مشتاقان له أرقان و من قرأ « أم من هو قانت » ففيه وجهان ( أحدهما ) أن المعنى الجاحد الكافر خير أم من هو قانت و يدل على المحذوف قوله « قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون » و دل عليه أيضا قوله « قل تمتع بكفرك قليلا » و قد تقدم ذكره ( و الآخر ) أن المعنى قل أ من هو قانت كغيره أي أ من هو مطيع كمن هو عاص و يكون على هذا الخبر محذوفا لدلالة الكلام عليه كقوله تعالى أ فمن هو قائم على كل نفس بما كسبت أ فمن يتقي بوجهه سوء العذاب و أما من خفف فقال أ من هو قانت فالمعنى أيضا أم من هو قانت كمن هو بخلاف هذا الوصف فلا وجه للنداء هنا لأن هذا موضع معادلة و إنما يقع فيه الحمل الذي يكون فيه إخبار و ليس النداء كذلك و قال أبو الحسن القراءة بالتخفيف ضعيفة لأن الاستفهام إنما يبتدىء ما بعده و لا يحمل على ما قبله و هذا الكلام ليس قبله شيء يحمل عليه إلا في المعنى .


اللغة

التخويل العطية العظيمة على وجه الهبة و هي المنحة خوله الله مالا و منه
مجمع البيان ج : 8 ص : 765
الحديث كان يتخولهم بالموعظة مخافة السامة عليهم أي يتعبدهم و الحديث الآخر إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا و دين الله دخلا و عباد الله خولا أي يظنون عباد الله عبيدهم أعطاهم الله ذلك قال أبو النجم :
أعطى فلم يبخل و لم يبخل
كوم الذرى من خول المخول و القانت الداعي و القانت المصلي قال :
قانتا لله يتلو كتبه
و على عمد من الناس اعتزل آناء الليل واحدها أني و أنى .

الإعراب


« ذلكم الله ربكم له الملك » ذلكم مبتدأ و الله عطف بيان و ربكم بدل من لفظة الله و إن شئت كان خبرا لمبتدء .
« له الملك » يرتفع الملك بالظرف و الظرف مع ما ارتفع به في موضع الحال و العامل فيه معنى الإشارة و التقدير ثابتا له الملك و يجوز أن يكون خبرا بعد خبر و كذا قوله « لا إله إلا هو » جاز أن يكون في موضع الحال أي متوحدا بالوحدانية و جاز أن يكون خبرا آخر .
« فأنى تصرفون » أنى في موضع نصب على الحال أو على المصدر و معناه كيف تصرفون .

المعنى

ثم أبان سبحانه عن كمال قدرته بخلق آدم و ذريته فقال « خلقكم من نفس واحدة » يعني آدم (عليه السلام) لأن جميع البشر من نسله « ثم جعل منها زوجها » يعني حواء أي من فضل طينته و قيل من ضلع من أضلاعه و في قوله « ثم جعل منها زوجها » ثم يقتضي التراخي و المهلة و خلق الوالدين قبل الولد ثلاثة أقوال ( أحدها ) أنه عطف يوجب أن الكلام الثاني بعد الأول و يجري مجرى قول القائل قد رأيت ما كان منك اليوم ثم ما كان منك أمس و إن كان ما كان أمس قبل ما يكون اليوم مثله قول الشاعر :
و لقد ساد ثم ساد أبوه
ثم قد ساد قبل ذلك جده ( و ثانيها ) أنه معطوف على معنى واحدة فكأنه قال خلقكم من نفس واحدة أوجدها وحدها ثم جعل منها زوجها ( و ثالثها ) أنه خلق الذرية في ظهر آدم و أخرجها من ظهره كالذر
مجمع البيان ج : 8 ص : 766
ثم خلق من بعد ذلك حواء من ضلع من أضلاعه على ما ورد في الأخبار و هذا ضعيف و قد مضى الكلام عليه « و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج » اختلف في معناه على وجوه ( أحدها ) أن معنى الإنزال هنا الأحداث و الإنشاء كقوله قد أنزلنا عليكم لباسا و لم ينزل اللباس و لكن أنزل الماء الذي هو سبب القطن و الصوف و اللباس يكون منهما فكذلك الأنعام تكون بالنبات و النبات يكون بالماء ( و الثاني ) أنه أنزلها بعد أن خلقها في الجنة عن الجبائي قال و في الخبر الشاة من دواب الجنة و الإبل من دواب الجنة ( و الثالث ) أن المعنى جعلها نزلا و رزقا لكم و يعني بالأزواج الثمانية من الأنعام الإبل و البقر و الغنم و الضأن و المعز من كل صنف اثنان هما زوجان و هو مفسر في سورة الأنعام « يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق » نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم يكسو العظام لحما ثم ينشىء خلقا آخر عن قتادة و مجاهد و السدي و قيل خلقا في بطون الأمهات بعد الخلق في ظهر آدم عن ابن زيد « في ظلمات ثلاث » ظلمة البطن و ظلمة الرحم و ظلمة المشيمة عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و السدي و ابن زيد و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و قيل ظلمة الليل أو ظلمة صلب الرجل و ظلمة الرحم و ظلمة البطن ثم خاطب سبحانه خلقه فقال « ذلكم الله » الذي خلق هذه الأشياء « ربكم » الذي يملك التصرف فيكم « له الملك » على جميع المخلوقات « لا إله إلا هو فأنى تصرفون » عن طريق الحق بعد هذا البيان مثل قوله « فأنى تؤفكون » « إن تكفروا » أي تجحدوا نعمة الله تعالى و لم تشكروه « فإن الله غني عنكم » و عن شكركم فلا يضره كفركم « و لا يرضى لعباده الكفر » و في هذا أوضح دلالة على أنه سبحانه لا يريد الكفر الواقع من العباد لأنه لو أراده لوجب متى وقع أن يكون راضيا به لعبده لأن الرضاء بالفعل ليس إلا ما ذكرناه أ لا ترى أنه يستحيل أن نريد من غيرنا شيئا و يقع منه على ما نريده فلا نكون راضين به أو أن نرضى شيئا و لم نرده البتة « و إن تشكروا يرضه لكم » أي و أن تشكروا الله تعالى على نعمه و تعترفوا بها يرضه لكم و يرده منكم و يثبكم عليه و الهاء في يرضه كناية عن المصدر الذي دل عليه و إن تشكروا و التقدير يرضى الشكر لكم كقولهم من كذب كان شرا له أي كان الكذب شرا له « و لا تزر وازرة وزر أخرى » أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى و المعنى لا يؤاخذ بالذنب إلا من يرتكبه و يفعله « ثم إلى ربكم مرجعكم » أي مصيركم « فينبؤكم بما كنتم تعملون » أي يخبركم بما عملتموه و يجازيكم بحسب ذلك « إنه عليم بذات الصدور » فلا يخفى عليه سر و علانية « و إذا مس الإنسان ضر » من شدة و مرض و قحط و غير ذلك « دعا ربه منيبا إليه » أي راجعا إليه وحده لا يرجو سواه « ثم إذا خوله » أي أعطاه « نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل » أي نسي الضر الذي كان
مجمع البيان ج : 8 ص : 767
يدعو الله إلى أن يكشفه من قبل نيل هذه النعمة قال الزجاج معناه نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى الله عز و جل من قبل و جائز أن يكون المعنى نسي الله الذي كان يتضرع إليه من قبل و مثله و لا أنا عابد ما عبدتم و لا أنتم عابدون ما أعبد فكانت ما تدل على الله تعالى و من عبارة عن كل مميز و ما يكون لكل شيء « و جعل لله أندادا » أي سمي له أمثالا في توجيه عبادته إليها من الأصنام و الأوثان « ليضل » الناس « عن سبيله » أي عن دينه أو يضل هو عن الدين و اللام لام العاقبة و ذلك أنهم لم يفعلوا ما فعلوه و غرضهم ذلك لكن عاقبتهم كانت إليه « قل تمتع بكفرك قليلا » هذا أمر معناه الخبر كقوله إذا لم تستح فاصنع ما شئت و المعنى أن مدة تمتعه في الدنيا بكفره قليلة زائلة « إنك من أصحاب النار » تعذب فيها دائما « أمن هو قانت » أي أ هذا الذي ذكرناه خير أم من هو دائم على الطاعة عن ابن عباس و السدي و قيل على قراءة القرآن و قيام الليل عن ابن عمر و قيل يعني صلاة الليل عن أبي جعفر (عليه السلام) « آناء الليل » أي ساعات الليل « ساجدا و قائما » يسجد تارة في الصلاة و يقوم أخرى « يحذر الآخرة » أي عذاب الآخرة « و يرجوا رحمة ربه » أي يتردد بين الخوف و الرجاء أي ليسا سواء و هو قوله « قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون » أي لا يستوي الذين يعلمون ما وعد الله من الثواب و العقاب و الذين لا يعلمون ذلك « إنما يتذكر أولو الألباب » أي إنما يتعظ ذوو العقول من المؤمنين و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال نحن الذين يعلمون و عدونا الذين لا يعلمون و شيعتنا أولو الألباب « قل » يا محمد لهم « يا عباد الذين آمنوا » أي صدقوا بتوحيد الله تعالى « اتقوا ربكم » أي عقاب ربكم باجتناب معاصيه و تم الكلام ثم قال « للذين أحسنوا » أي فعلوا الأعمال الحسنة و أحسنوا إلى غيرهم « في هذه الدنيا حسنة » أي لهم على ذلك في هذه الدنيا حسنة أي ثناء حسن و ذكر جميل و مدح و شكر و صحة و سلامة عن السدي و قيل معناه للذين أحسنوا العمل في هذه الدنيا مثوبة حسنة في الآخرة و هو الخلود في الجنة « و أرض الله واسعة » هذا حث لهم على الهجرة من مكة عن ابن عباس أي لا عذر لأحد في ترك طاعة الله فإن لم يتمكن منها في أرض فليتحول إلى أخرى يتمكن منها فيها كقوله أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها و قيل معناه و أرض الله الجنة واسعة فاطلبوها بالأعمال الصالحة عن مقاتل و أبي مسلم « إنما يوفى الصابرون أجرهم » أي ثوابهم على طاعاتهم و صبرهم على شدائد الدنيا « بغير حساب » لكثرته لا يمكن عده و حسابه و روى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا نشرت الدواوين و نصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان و لم ينشر لهم ديوان ثم تلا هذه الآية « إنما يوفى
مجمع البيان ج : 8 ص : 768
الصابرون أجرهم بغير حساب » .
قُلْ إِنى أُمِرْت أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ(11) وَ أُمِرْت لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسلِمِينَ(12) قُلْ إِنى أَخَاف إِنْ عَصيْت رَبى عَذَاب يَوْم عَظِيم(13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مخْلِصاً لَّهُ دِينى(14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الخَْسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَلا ذَلِك هُوَ الخُْسرَانُ الْمُبِينُ(15) لهَُم مِّن فَوْقِهِمْ ظلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَ مِن تحْتهِمْ ظلَلٌ ذَلِك يخَوِّف اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَعِبَادِ فَاتَّقُونِ(16) وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطغُوت أَن يَعْبُدُوهَا وَ أَنَابُوا إِلى اللَّهِ لهَُمُ الْبُشرَى فَبَشرْ عِبَادِ(17) الَّذِينَ يَستَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسنَهُ أُولَئك الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَ أُولَئك هُمْ أُولُوا الأَلْبَبِ(18) أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كلِمَةُ الْعَذَابِ أَ فَأَنت تُنقِذُ مَن فى النَّارِ(19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبهُمْ لهَُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تجْرِى مِن تحْتهَا الأَنهَرُ وَعْدَ اللَّهِ لا يخْلِف اللَّهُ ِيعَادَ(20) 20)

اللغة

الظلة السترة العالية جمعها ظلل و الإنقاذ الإنجاء و الغرف المنازل الرفيعة واحدها غرفة .

الإعراب

ذلك مبتدأ و « يخوف الله به عباده » خبره .
« أن يعبدوها » في موضع نصب بدل
مجمع البيان ج : 8 ص : 769
من الطاغوت و التقدير و الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت و خبر « الذين اجتنبوا » قوله « لهم البشرى » و البشرى ترتفع بالظرف لجريه خبرا على المبتدأ قال الزجاج « أ فمن حق عليه كلمة العذاب أ فأنت تنقذ من في النار » معناه الشرط و الجزاء و ألف الاستفهام هنا معناها معنى التوقيف و الألف الثانية جاءت مؤكدة معادة لما طال الكلام و المعنى أ فمن حق عليه كلمة العذاب أ فأنت تنقذه و مثله أ يعدكم أنكم إذا متم و كنتم ترابا و عظاما أنكم مخرجون أعاد أن الثانية و المعنى إنكم إذا متم و كنتم ترابا و عظاما تخرجون و يكون على وجه آخر على أنه حذف الخبر و في الكلام دليل على المحذوف على معنى أ فمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص منه أو ينجو منه أ فأنت تنقذ أي لا يقدر أحد أن ينقذه .

المعنى

ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « قل » يا محمد لهؤلاء الكفار الذين تقدم ذكرهم « إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين » أي موحدا له لا أعبد معه سواه و العبادة الخالصة هي التي لا يشوبها شيء من المعاصي « و أمرت » أيضا « لأن أكون أول المسلمين » فيكون لي فضل السبق و ثوابه « قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم » أي عذاب يوم القيامة « قل » لهم « الله أعبد مخلصا له ديني » و طاعتي « فاعبدوا » أنتم معاشر الكفار « ما شئتم من دونه » من الأصنام و هذا على وجه التهديد لهم بذلك « قل » لهم « إن الخاسرين » في الحقيقة هم « الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة » فلا ينتفعون بأنفسهم و لا يجدون في النار أهلا كما كان لهم في الدنيا أهل فقد فاتتهم المنفعة بأنفسهم و أهليهم عن مجاهد و ابن زيد و قيل خسروا أنفسهم بأن قذفوها بين أطباق الجحيم و خسروا أهليهم الذين أعدوا لهم في جنة النعيم عن الحسن قال ابن عباس إن الله تعالى جعل لكل إنسان في الجنة منزلا و أهلا فمن عمل بطاعته كان له ذلك و من عصاه صار إلى النار و دفع منزله و أهله إلى من أطاع فذلك قوله أولئك هم الوارثون « ألا ذلك هو الخسران المبين » أي البين الظاهر الذي لا يخفى « لهم من فوقهم ظلل من النار » أي سرادقات و أطباق من النار و دخانها نعوذ بالله منها « و من تحتهم ظلل » أي فرش و مهد و قيل إنما سمي ما تحتهم من النار ظللا لأنها ظلل لمن تحتهم إذ النار أدراك و هم بين أطباقها و قيل إنما أجري اسم الظلل على قطع النار على سبيل التوسع و المجاز لأنها في مقابلة ما لأهل الجنة من الظلل و المراد أن النار تحيط بجوانبهم « ذلك يخوف الله به عباده » أي ذلك الذي وصف من العذاب يخوف الله به عباده و رحمة لهم ليتقوا عذابه بامتثال أوامره ثم أمرهم بالاتقاء فقال « يا عباد فاتقون » فقد أنذرتكم و ألزمتكم الحجة و إنما حذف الياء في الموضعين لأن الكسرة تدل عليها « و الذين اجتنبوا الطاغوت » أي الأوثان و الشيطان و قيل كل من دعا إلى عبادة غير الله
مجمع البيان ج : 8 ص : 770
تعالى و إنما أنث للجماعة و في قراءة الحسن اجتنبوا الطواغيت « أن يعبدوها » أي اجتنبوا عبادتها « و أنابوا إلى الله » أي تابوا إليه فأقلعوا عما كانوا عليه « لهم البشرى » أي البشارة و هي الإعلام بما يظهر به السرور في بشرة وجوههم جزاء على ذلك و روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أنتم هم و من أطاع جبارا فقد عبده ثم قال سبحانه مخاطبا لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) « فبشر » يا محمد « عباد » اجتزأ بالكسرة عن الياء « الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه » أي أولاه بالقبول و العمل به و أرشده إلى الحق و قيل فيتبعون أحسن ما يؤمرون به و يعملون به عن السدي و روي عن أبي الدرداء قال لو لا ثلاث ما أحببت أن أعيش يوما واحدا الظمأ بالهواجر و السجود في جوف الليل و مجالسة أقوام ينتقون من خير الكلام كما ينتقي طيب التمر و قيل معناه يستمعون القرآن و غيره فيتبعون القرآن عن الزجاج و قيل يستمعون ما في القرآن و السنة من الطاعات و المباحات فيتبعون الطاعة التي هي أحسن إذ يستحق الثواب عليه أكثر و هو أن يأخذ بأفضل الأمرين كما أن القصاص حق و العفو أفضل فيأخذون بالعفو « أولئك الذين هداهم الله » أي هؤلاء الذين هذه صفتهم هم الذين هداهم الله فاهتدوا به إلى الحق « و أولئك هم أولو الألباب » أي ذوو العقول الذين انتفعوا بعقولهم و قال عبد الرحمن بن زيد نزل قوله « و الذين اجتنبوا الطاغوت » الآيتين في ثلاثة نفر كانوا يقولون في الجاهلية لا إله إلا الله زيد بن عمرو بن نفيل و أبي ذر الغفاري و سلمان الفارسي « أ فمن حق عليه كلمة العذاب أ فأنت تنقذ من في النار » اختلف في تقديره فقيل معناه أ فمن وجب عليه وعيد الله بالعقاب أ فأنت تخلصه من النار فاكتفى بذكر من في النار عن الضمير العائد إلى المبتدأ عن الزجاج و الأخفش و قيل تقديره أ فأنت تنقذ من في النار منهم و أتى بالاستفهام مرتين توكيدا للتنبيه على المعنى و قال ابن الأنباري الوقف على قوله « كلمة العذاب » و التقدير كمن وجبت له الجنة ثم يبتدىء أ فأنت تنقذ و أراد بكلمة العذاب قوله لأملأن جهنم منك و ممن تبعك منهم أجمعين و إنما قال ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لحرصه على إسلام المشركين و المعنى أنك لا تقدر على إدخال الإسلام في قلوبهم شاءوا أم أبوا فلا عليك إذا لم يؤمنوا فإنما أتوا ذلك من قبل نفوسهم و هذا كقوله فلعلك باخع نفسك على آثارهم الآية ثم بين سبحانه ما أعده للمؤمنين كما بين ما أعده للكفار فقال « لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف » أي قصور في الجنة « من فوقها غرف » قصور « مبنية » و هذا في مقابلة قوله « لهم من فوقهم ظلل من النار و من تحتهم ظلل » فإن في الجنة منازل رفيعة بعضها فوق بعض و ذلك أن النظر من الغرف إلى الخضر و المياه أشهى و ألذ « تجري من تحتها الأنهار » أي من تحت الغرف « وعد الله » أي وعدهم الله تلك الغرف و المنازل وعدا « لا يخلف الله الميعاد » .

مجمع البيان ج : 8 ص : 771
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءً فَسلَكَهُ يَنَبِيعَ فى الأَرْضِ ثُمَّ يخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مخْتَلِفاً أَلْوَنُهُ ثمَّ يَهِيجُ فَترَاهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يجْعَلُهُ حُطماً إِنَّ فى ذَلِك لَذِكْرَى لأُولى الأَلْبَبِ(21) أَ فَمَن شرَحَ اللَّهُ صدْرَهُ لِلاسلَمِ فَهُوَ عَلى نُور مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَسِيَةِ قُلُوبهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئك فى ضلَل مُّبِين(22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسنَ الحَْدِيثِ كِتَباً مُّتَشبِهاً مَّثَانىَ تَقْشعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يخْشوْنَ رَبهُمْ ثمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِك هُدَى اللَّهِ يهْدِى بِهِ مَن يَشاءُ وَ مَن يُضلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد(23) أَ فَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ قِيلَ لِلظلِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ(24) كَذَّب الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَاب مِنْ حَيْث لا يَشعُرُونَ(25)

اللغة

الينابيع جمع ينبوع و هو الموضع الذي ينبع منه الماء يقال نبع الماء من موضع كذا إذا فار منه و الزرع ما ينبت على غير ساق و الشجر ما له ساق و أغصان و النبات يعم الجميع و هاج النبت يهيج هيجا إذا جف و بلغ نهايته في اليبوسة و الحطام فتات التبن و الحشيش و الحطم الكسر للشيء اليابس و منه سميت جهنم حطمة لأنها تكسر كل شيء و منه الحطيم بمكة قال النضر لأن البيت رفع و ترك ذلك محطوما و هو حجر الكعبة مما يلي الميزاب .

الإعراب


« أ فمن شرح الله صدره » من مع صلته مبتدأ و الخبر محذوف تقديره أ فمن شرح الله صدره كمن قسا قلبه من ذكر الله أي من ترك ذكر الله لأن القلب إنما يقسو من ترك ذكر الله و يجوز أن يكون تشمئز عند ذكر الله فيقال قست من ذكر الله أي من ذكر الناس الله .

مجمع البيان ج : 8 ص : 772
كتابا منصوب لأنه بدل من قوله « أحسن الحديث » .

المعنى

لما قدم سبحانه ذكر الدعاء إلى التوحيد عقبه بذكر دلائل التوحيد فقال يخاطب نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و إن كان المراد جميع المكلفين « أ لم تر أن الله أنزل من السماء ماء » أي مطرا « فسلكه » أي فأدخل ذلك الماء « ينابيع في الأرض » مثل العيون و الأنهار و القني و الآبار و نظيره قوله و أنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض « ثم يخرج به » أي بذلك الماء من الأرض « زرعا مختلفا ألوانه » أي صنوفه من البر و الشعير و الأرز و غير ذلك يقال هذا لون من الطعام أي صنف و قيل مختلف الألوان من أخضر و أصفر و أبيض و أحمر « ثم يهيج » أي يجف و ييبس « فتريه مصفرا » بعد خضرته « ثم يجعله حطاما » أي رفاتا منكسرا متفتتا « إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب » معناه إن في إخراج هذه الزروع ألوانا مختلفة بماء واحد و نقلها من حال إلى حال لتذكيرا لذوي العقول السليمة إذا تكفروا في ذلك عرفوا الصانع المحدث و علموا صحة الابتداء و البعث و الإعادة « أ فمن شرح الله صدره للإسلام » أي فسح صدره و وسع قلبه لقبول الإسلام و الثبات عليه و شرح الصدر يكون بثلاثة أشياء ( أحدها ) بقوة الأدلة التي نصبها الله تعالى و هذا يختص به العلماء ( و الثاني ) بالألطاف التي تتجدد له حالا بعد حال كما قال سبحانه و الذين اهتدوا زادهم هدى ( و الثالث ) بتوكيد الأدلة و حل الشبهة و إلقاء الخواطر « فهو على نور » أي على دلالة و هدى « من ربه » شبه الأدلة بالنور لأن بها يعرف الحق كما بالنور تعرف أمور الدنيا عن الجبائي و قيل النور كتاب الله عز و جل فيه نأخذ و إليه ننتهي عن قتادة و حذف كمن هو قاسي القلب يدل على المحذوف قوله « فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله » و هم الذين ألفوا الكفر و تعصبوا له و تصلبت قلوبهم حتى لا ينجع فيها وعظ و لا ترغيب و لا ترهيب و لا ترق عند ذكر الله و قراءة القرآن عليه « أولئك في ضلال » أي عدول عن الحق « مبين » أي ظاهر واضح « الله نزل أحسن الحديث » يعني القرآن سماه الله حديثا لأنه كلام الله و الكلام سمي حديثا كما يسمى كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حديثا و لأنه حديث التنزيل بعد ما تقدمه من الكتب المنزلة على الأنبياء و هو أحسن الحديث لفرط فصاحته و لإعجازه و اشتماله على جميع ما يحتاج المكلف إليه من التنبيه على أدلة التوحيد و العدل و بيان أحكام الشرع و غير ذلك من المواعظ و قصص الأنبياء و الترغيب و الترهيب « كتابا متشابها » يشبه بعضه بعضا و يصدق بعضه بعضا ليس فيه اختلاف و لا تناقض و قيل معناه أنه يشبه كتب الله المتقدمة و إن كان أعم و أجمع و أنفع و قيل متشابها في حسن النظم و جزالة اللفظ و جودة المعاني « مثاني » سمي بذلك لأنه يثني فيه بعض القصص و الأخبار و الأحكام و المواعظ بتصريفها في ضروب البيان و يثني أيضا في التلاوة فلا يمل لحسن
 

Back Index Next